أخُذُوا أُنْشُودَة الْحُرِيَّة
أَخَذُوا اللَّيْلَ وَنُورَهُ
أَخَذُوا الصُّبْحَ وَ ضِيَاءَهُ
أَخَذُوا الْهَوَاءَ السَّابِحَ بِالْفَضَاء
أَخَذُوا الأُغْنِيَّةَ الرَّائِعَة
الَّتِي أَطْرَبَتْ الأَسْمَاع
أَخَذُوا أُنْشُودَةَ الْحُرِّيُّة
الَّتِي انْتَزَعْتَهَا بِالدِّمَاء
جَرَّدُونِي مِنَ الْكَلاَم
مِنَ الإِرَادَةِ وَالسَّمءع
حَتَّى الرُّؤْيَا سَرَقُوهَا
فَقَؤُوا عَيْنَاي
وَضَعُونِي فِي الظُّلْمَةِ أَعْوَام
سِرْتُهَا وَكُنْتُ تَحْتَ الرُّكَام
أَئِنُّ لَكِنَّنِي لَمْ أَمُتْ
لَمْ أَنْعَدِمْ
لَمْ تَمُتْ بِي الْكِبْرِيَاء
مَا زِلْتُ أَمْلِكُ أَثْمَنَ الأَشْيَاء
نَسَوْا أَنْ يَأْخَذُوا قَلْبِي
رَكَّعُونِي خَوْفاً
وَ مَا سَجَدْتُ حُبّا
قَلْبِي لاَزَالَ يَفِيضُ بِحُبِّي
لِكَرَامَتِي وَعُنْفُوَانِي
لِعِزَّتِي وَمَجْدِي
يَعُجُّ بِعَاطِفَة هَوْجَاء
سَتَصْرَعُ الْغَوْغَاء
سَرَقُوا عُيُونِي وَحَدْقَتِي
لَكِنَّ سِحْرَ الْبَصِيرَةِ نَسُوه
طُوفَانُ النُّورِ تَوَهَّج
لِيَمْحِي حُلْكَةً وظُلْماً أَسْدَلُوه
تَرَكُوا لِي صَمْتِي
بِهِ كَسَّرْتُ خَرَسِي
لأَصْرُخَ بِصَيْحَة
هَشَّمَتْ صَمَّامَات الْقُلُوبِ
تَكَسَّرَتْ كَالزُّجَاج
فَلَهُمُ الْوَيْل
لَمْ يَشُلُّوا يدِي
لَمْ يَصُمُّوا أُذُنِي
بَثَرُوا لِسَانِي
فَلضقَحَتْ جُذُرُهُ
تَطَاوَلَتْ لِتُعَانِقَ السَّمَاء
اِجْثَثُّوا رَأَسِي
نَمَتْ لِي رُؤُوس
اِشْرَأَبَّتْ بِالشُّمُوخ
تُصَافِحُ النُّجُوم
نَسَوْا أَنَّ دُمُوعِي
تُخَصِّبُ الطِّينَ العَقِيم
وَتُحْيِي رِمَالَ الصَّحَارِي
وَالصُّخُور
لِتُعْطِي أَجْزَلَ التِّمَارِ
لِكُلِّ الْوُجُود تًجُود
كَسَّرُوا أَرْجُلِي
فَعَسْجَدَتْ أَوْصَالِي
كَالأَشْجَار
أيْنَعَتْ بِهَا الأَغْصَان
فَمَشَتْ الْجُذُور
تَهُزُّ بُنْيَانَهُمْ منَ الأَسَاس
زِلْزَالاً تَهَاوَتْ كَقُصُور الرِّمَال
وَأَدُوا الشُّمُوس
خَبَّؤُوهَا فِي أَسِرَّةِ الأَرْض
فَتَعَالَتْ خَمَائِلَ وَ أَزْهَار
وَنَشَرَتْ الضّوْءَ بِالأَرْجَاء
بقلم رحيمة بلقاس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق